بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

     إنّ ما تبثّه بعض وسائل الاعلام من برامج تروّج للرذيلة، وأعظمها الشذوذ الجنسي الذي دمّر الله تعالى بسببها قوم سدوم، ممّا يؤكّد على أنّ توجّهها إشاعة الانحراف الأخلاقي في بلد مسلم حتى تسقط الحواجز النفسية تجاهها وتتهيأ النفوس إلى استساغتها والقبول بها وممارستها، فإنّه يدخل في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)[النور:19]، قال الإمام محمّد الطاهر بن عاشور: “وجُعل الوعيد على المحبة لشيوع الفاحشة في المؤمنين تنبيهاً على أنّ محبّة ذلك تستحقّ العقوبة؛ لأنّ محبّة ذلك دالّة على خبث النّية نحو المؤمنين” [التحرير والتنوير:18/184].

     ثمّ إنّ ما أقدمت عليه هذه الوسائل أخيرا من بثّ برامج تتضمّن استخفافا بكلام الله تعالى، وتقليلا من شأنه، ونسبة الإرهاب إليه، وتحذيرا من تحفيظه للأطفال، مثل ما اعتبره بعض من استضافتهم (من أنّ تحفيظ القرآن الكريم في المدارس تأخّرا وتخلّفا بالمجتمع التونسي، وبدعة، والإيحاء بأنّه يحمل الفكر الدّاعشي، ومن التشكيك في إسلام أولاد التونسيين، والإشادة بغلق المدارس القرآنية،… ونحو ذلك)؛ فإنّ صريح هذا الكلام استهزاء بآيات الله تعالى.

     وبناء على ذلك؛ فإنّ ما ننصح به التونسيين هو عدم متابعة هذه الوسائل، والإعراض عنها، ومقاطعة برامجها؛ وذلك للأدلّة الشرعية التالية:

     ـ ما جاء من النهي مجالسة المستهزئين بآيات الله تعالى، قال الله تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[الأنعام:68]، وقال الله تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ)[النساء:140].

    ـ ما جاء من وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال صلّى الله عليه وسلّم: “من رأى منكم منكرا فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان” [رواه مسلم]. والتغيير باليد للحاكم، والتغيير باللسان والقلب لغيره. ومن درجات التغيير المقاطعة، وأضعف الإيمان الإعراض وعدم مشاهدة مثل هذه البرامج.

     ـ ما جاء من التحذير على إعانة الباطل والتعاون على الإثم والعدوان، قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)[المائدة:2]، وعن ابن عباس قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “من أعان باطلا ليدحض بباطله حقّا فقد برئت منه ذمّة الله وذمّة رسول الله صلى الله عليه وسلم” [الحاكم في المستدرك بإسناد صحيح]. وإنّ مشاهدة تلكم البرامج لا شكّ في أنّها عدوان على حرمات الله تعالى، وإعانة على الباطل لدحض الحقّ.

      قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم”[رواه مسلم].